Posted by Doctor Smile Dental Center 17 April 2018

Cosmetic Dentistry

This article by Dr. Muhammad Baraa Aljundi from the DOCTOR SMILE DENTAL CENTER was published in the Periodic of the ARAB CENTER FOR THE AUTHORSHIP AND TRANSLATION OF HEALTH SCIENCE (ACMLS), 51st issue, October 2017, Kuwait

الحشوات التجميلية

خطوات على الطريق

وضعت مجموعة من الممارسين والعلماء في القرن الثامن عشر أصول وأسس طب الأسنان dentistry بوصفه ممارسة طبية علمية شاملة، ويعتبر بيير فوشار Pierre Fauchard أول من نشر كتاباً شاملا" عن طب الأسنان بعنوان طبيب الأسنان الجراح The Surgeon Dentist عام ١٧٢٣ ضمنه تفصيلاً لمختلف جوانب طب الأسنان من النواحي التشريحية والوظيفية والعلاجية والترميمية ووصفاً لوسائل صناعة أطقم الأسنان كما كانت شائعة في عصره. وشهد القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين تطورات متلاحقة كان منها اختراع كرسي طبيب الأسنان عام ١٨٣٢ وصدور المجلة الأمريكية لعلوم طب الأسنان American Journal of Dental Science كأول دورية متخصصة عام ١٨٣٩ واستخدام الذهب اللصاق cohesive gold foil في حشوات الأسنان لأول مرة عام ١٨٥٥ واستخدام أشعة الأسنان dental x-ray عام ١٨٩٥.

إلا أن تطور طب الأسنان بدأ يكتسب في النصف الثاني من القرن العشرين زخماً متسارعاً ومتميزاً، وأسفرت الأبحاث التي أجريت على مواد وتقنيات مختلفة وحديثة، بمساعدة التطور التكنولوجي الهائل الذي شمل كافة الفروع الطبية، عن نتائج غيرت ممارسة طب الأسنان بصورة جذرية أصبح معها أكثر تلبية لاحتياجات ومتطلبات المريض، بل وأضحت معها عيادة الأسنان مقصداً للباحثين عن جمال وتناسق الأسنان والفكين وعن الابتسامة المتألقة المبهرة.

وتعتبر الحشوات التجميلية تعبيراً هاماً عن هذا التطور، تغير معه مفهوم ترميم الأسنان تغيراً جذرياً من كافة النواحي بدءاً من تبدل الأسس العلمية التي تستند عليها عملية الترميم، مروراً بطريقة تهيئة السن لاستقبال الحشوة ومراحل تطبيق المادة الترميمية، وانتهاء بالنتائج التي صار ينتظر أن تحققها الحشوات الحديثة من الجوانب الوظيفية والشكلية.

فعلى مدى عقود عديدة، اعتمد طبيب الأسنان على استخدام معادن أو خلائط معدنية metal alloy مختلفة في ترميم الأسنان. وكانت أهم المواد المستخدمة في حشوات الأسنان هي رقاقات الذهب الدقيقة اللصاقة cohesive gold foilالتي يتم رصها في حفرة السن المهيئة لاستقبال الحشوة، أو أملغم الأسنان dental amalgam الذي يتكون من خليط من الزئبق وعدد من المعادن من بينها الفضة والنحاس والقصدير. وتطلب استخدام تلك الحشوات أن يعتمد الطبيب تصميمات معينة لحفرة السن المعدة لاستقبال الحشوة بحيث يتم حشر مادة الحشو داخل الحفرة بصورة تستقر معها الحشوة وتثبت في مكانها بفعل انحشارها الميكانيكي دون أن يكون هناك أي التصاق حقيقي بين جسم السن ومادة الحشوات. ولأكثر من مئة عام حافظت حشوات الأملغم على مكانتها المتميزة بوصفها الخيار الأول لترميم وحشو الأسنان بفعل عدة عوامل لعل من أهمها انخفاض تكلفتها وسهولة استعمالها من قبل الطبيب الممارس وكفاءتها الوظيفية.

إلا أن حشوات الأملغم كانت ذات لون فضي غامق جعلها عاجزة عن تلبية الحد الأدنى من المتطلبات التجميلية، وتعذر معه استخدامها في ترميم أو حشو الأسنان الأمامية. وكانت تلك هي النقطة الأبرز بين عدد من السلبيات التي شملت كذلك ضرورة استهلاك كمية كبيرة من نسيج السن عند تهيئته لاستقبال الأملغم كمادة مرممة لضمان ثبات الحشوة واستقرارها، واحتمال تسرب الجراثيم في الفراغ الدقيق بين الحشوة وحواف حفرة السن التي تستقر فيها مما يمكن أن يمهد لعودة التسوس تحت الحشوات بعد فترة من الزمن. كما ثار عدد من التساؤلات حول سلامة حشوات الأملغم والآثار الصحية التي يمكن أن تنجم عن مادة الزئبق التي تدخل في تركيبها، وحول الآثار البيئية التي يمكن أن تترتب على طرح الأملغم بما يحتويه من زئبق في أنظمة الصرف الصحي عند نزع أو تبديل الحشوات والترميمات القديمة.

وقد دفعت تلك السلبيات العاملين في أبحاث طب الأسنان إلى البحث عن بدائل للحشوات المعدنية، وكانت أبرز المحطات على طريق التغيير الجذري في عالم حشوات الأسنان هي اكتشاف مبدأ ربط الحشوات بالسن bonding على يد السويسري أوسكار هاجار Oskar Hagga عام ١٩٤٩، واكتشاف تقنية التخريش الحمضي acid etching على يد مايكل بونوكور Michael Buonocore عام ١٩٥٥، واكتشاف المادة المالئة Bis-GMA على يد رافايل بوين Rafael Bowen عام ١٩٦٢. وأسست تلك الاكتشافات لثورة في عالم طب الأسنان بدأت في تسعينيات القرن المنصرم وكان عنوانها العريض هو طب الأسنان التجميلي Cosmetic Dentistry.

ابتسامة المشاهير

يعتبر الفم مرآة لصحة الجسم، وتنعكس مختلف الأمراض التي تصيب الإنسان بصورة أعراض ومؤشرات بالغة الأهمية تتظاهر في الحفرة الفموية oral cavity. ويلعب الفم والأسنان دوراً أساسياً في وظائف عديدة منها المضغ والهضم والتذوق والكلام.

وقد ازداد مؤخراً الاهتمام بالابتسامة المتألقة الصحية التي تسفر عن أسنان بيضاء ناصعة متناسقة، واكتسبت موقعاً هاماً بين عوامل الصحة النفسية التي تدعم الثقة بالنفس والرضا عن الذات والقدرة على تواصل أفضل مع الآخرين. وكان اهتمام المشاهير والممثلين العالميين، بداية من أيقونة الخمسينات مرلين مونرو Marylin Monroe ومروراً بأجمل حسناوات هوليود، بتألق الابتسامة عاملاً إضافياً دفع عيادات الأسنان إلى أن تصبح مقصداً للباحثين عن الحصول على ما صار يعرف باسم ابتسامة هوليود. واستجاب طب الأسنان بتوفير حلول كان من أهمها زراعة الأسنان dental i mplantologyوتقويم الأسنان orthodontics والحشوات التجميلية cosmetic fillings.

وإضافة إلى الناحية الجمالية التي تمثلت في إنتاج مواد تجميلية شديدة الشبه بالأسنان الطبيعية من حيث اللون والشفافية، تم تطوير المواد المرممة للأسنانdental restorative material، والتي باتت تعرف باسم الحشوات التجميلية، من حيث بنيتها وملاءمتها لنسج الحفرة الفموية ومبدأ وطريقة التصاقها بجسم السن.

تختلف الحشوات التجميلية عن حشوات الأملغم التقليدية من ناحية ثبات الترميم في أنها، بدل أن تثبت في الحفرة المهيأة في السن بواسطة الانحشار الميكانيكي، فإنها تقوم على مبدأ الالتصاق الكيميائي الذي تحققه مادة وسيطة رابطة bonding تعمل على إلصاق المادة المرممة بجسم السن. ويقوم الطبيب بداية بتخريش ميناء وعاج السن في المكان المهيأ لاستقبال الحشوة بمادة حمضية، وبنتيجة التخريش الحمضي acid etching يصبح بإمكان المادة الرابطة أن تلتحم مع سطح السن من جهة ومع المادة المرممة من جهة أخرى. ويحقق هذا الالتحام عدداً من المزايا من بينها انعدام الحاجة إلى المبالغة في استهلاك نسج السن السليمة لتوفير استقرار ميكانيكي للمادة المرممة، والانخفاض الكبير في احتمال تسرب الجراثيم المسببة لتسوس الأسنان بين الحشوة وحواف السن مما يخفض بدوره احتمال عودة التسوس إلى الأسنان بعد العلاج، وزيادة كبيرة في ثبات المادة المرممة أصبح الطبيب معه أكثر ثقة باستخدام الحشوات التجميلية في مختلف ترميمات الأسنان.

وتتكون الحشوات التجميلية من مزيج من دقائق الزجاج quartz مع الراتينات المركبة composite resins التي تقوم بدور المادة المالئة. وقد سمحت الأبحاث التي أجريت لتطوير حجم وشكل دقائق المكونات الزجاجية والمادة المالئة التي باتت متناهية الصغر، بإنتاج حشوات ذات جمالية فائقة وقدرة عالية على صقل أسطحها وصولاً إلى ترميمات تحاكي إلى أبعد الحدود مادة الأسنان الطبيعية من حيث اللون والشفافية والبريق والإحساس العام، في نفس الوقت الذي تحقق فيه المتطلبات الوظيفية المتوقعة من ناحية قدرتها على تحمل قوى المضغ ومقاومة الانكسار والتفتت.

وزادت تقنية التصليب الضوئي light curing من قدرة الطبيب على التحكم في تطبيق مادة الحشوات التي باتت تحتاج إلى تسليط الضوء بكثافة معينة عليها لتتحول إلى شكلها النهائي الصلب مما أعطى الممارس الوقت الكافي لتطويع وتكييف الحشوة بما يحقق أفضل نتيجة وظيفية وتجميلية ممكنة قبل أن يقوم بتصليبها النهائي ومن ثم صقلها للحصول على البريق الطبيعي الأخاذ.

ورغم سهولة تطبيق حشوات الأملغم من قبل الممارس وانخفاض تكلفتها نسبياً بالمقارنة مع الحشوات التجميلية التي تحتاج إلى حرفية وتقنية عالية، فقد تمكنت الترميمات التجميلية من التفوق بشكل كبير على سابقاتها، ليس فقط في الجانب الجمالي، بل وكذلك من نواحي تنوع الحلول التي توفرها المواد التجميلية، والمحافظة على نسج السن، والاستغناء عن الحاجة إلى تتويج الأسنان dental crown أو خلع الأسنان في العديد من الحالات.

تعتبر الحشوات التجميلية بحق نموذجاً ناجحاً لالتقاء العلم بالفن بصورة غيرت من مسار وفلسفة طب الأسنان الترميمي restorative dentistry وجعلت الابتسامة الخلابة المشرقة عنواناً لعيادة الأسنان.